سكة حديد الحجاز
Table of Contents
تعتبر سكة حديد الحجاز أحد أهم إنجازات عصر السلطان عبد الحميد الثاني والدولة العثمانية، والتي ساهمت في ربط أجزاء الإمبراطورية ببعضها البعض، حيث قلصت سكة حديد الحجاز وقت السفر إلى مكة والمدينة المنورة من 50 يومًا إلى 5 أيام فقط.
كان الهدف الأساسي من خط حديد الحجاز هو ربط عاصمة الخلافة الإسلامية “اسطنبول” بالمدينة المنورة وبباقي أجزاء الدولة العثمانية، لتسهيل حركة انتقال الحجيج والمسافرين بين أرجاء الإمبراطورية.

تاريخ سكة حديد الحجاز
بدأت فكرة خط حديد الحجاز بالتبلور لأول مرة في عام 1864 في عصر السلطان عبد العزيز الأول، إلا أن المشروع واجه العديد من الصعوبات الهندسية عملت على تأجيل التنفيذ.
عند تولي السلطان عبد الحميد الثاني حكم الدولة العثمانية، حرص السلطان على تعزيز فكرة “الجامعة الإسلامية” عن طريق ربط العالم الإسلامي عامة والدولة العثمانية بشكل خاص ببعضها البعض بسكة حديد الحجاز.
في عام 1900 أصدر السلطان أوامره لبدء عملية تأسيس سكة جديد الحجاز، حيث أوكل مهمة الإنشاء إلى أحمد عزت باشا العابد.
كانت فكرة تأسيس المشروع تتضمن إنشاء شبكة سكة حديد تربط بين خط سكة الأناضول وحط سكة بغداد، وربطهما بالحجاز والشام ليتمكن المسافرون في النهاية من السفر مباشرة من اسطنبول إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة.
تضمنت الفكرة تأسيس خط تلغراف بمحاذاة السكة الحديد، وذلك لتسهيل عملية الاتصال بين ولايات الدولة العثمانية.
استقر السلطان على أن تبدأ سكة حديد الحجاز “والتي سيتم ربطها بسكة حديد الأناضول” بمدينة دمشق، مرورًا بعمَّان في الأردن، وتبوك، ومدائن صالح، وصولًا إلى المدينة المنورة، على أن يتم ربط المدينة المنورة بمكة المكرمة ومنها إلى ميناء جدة بعد ذلك.

الهدف من إنشاء سكة حديد الحجاز
كان هنالك العديد من الأهداف وراء إنشاء خط حديد الحجاز ويمكن تقسمة الأهداف على النحو التالي:
دينية
كان الهدف الأساسي من إنشاء خط سكة حديد الحجاز هو خدمة الحجاج المسلمين بتقديم وسيلةآمنة وسريعة ومريحة للسفر، إضافة إلى حماية الحجاج من قطاع الطرق وظروف السفر الخطرة.
يهدف المشروع أيضًا إلى زيادة عدد الحجاج الراغبين في أداء فريضة الحج، حيث أن قطار الحجاز سيؤدي إلى إنخفاض تكاليف الحج وهو ما سيزيد أعداد القادمين إلى مكة المكرمة.

اقتصادية
لسكة حديد الحجاز العديد من الفوائد اللإقتصادية من خلال تحقيق نهضة تجارية ضخمة لمدن الشام والحجاز الواقعة على امتداد خط القطار، حيث أن خط السكة الحديد سيساهم في نقل المنتجات الزراعية والصناعية إلى المناطق الأخرى بشكل سريع وفعال.
إضافة إلى ذلك، فإن ربط سكة حديد الحجاز بميناء جدة الذي كان مخطط له، سيؤدي إلى انتعاش التجارة بشكل كبير في جدة والتي تعتبر من أهم موانئ البحر الأحمر في تلك الفترة.

عسكرية
من أهم فوائد خط سكة حديد الحجاز هي الفوائد والأهداف العسكرية، حيث يسهل القطار التحركات العسكرية ونقل الجنود والمعدات بسرعة في كافة أرجاء الإمبراطورية بشكل عام.
نقل القوات والمعدات الحربية بالقطار كان من المخطط أن له أن يساهم بشكل قوي في حماية الحجاز ومكة المكرمة والمدينة المنورة، واليمن من الاعتداءات الخارجية.
سياسية
استهدف السلطان عبد الحميد الثاني منح الدولة العثمانية استقلالية عن أوروبا، وتوحيد صف المسلمين عن طريق فكرة “الجامعة الإسلامية” والتي تعمل على نبذ العصبية القومية والعرقية لمواجهة أطماع الدول الإمبرالية والاستعمارية على الدولة العثمانية.
استهدف السلطان من إنشاء قطار الحجاز ربط أجزاء الدولة ببعضها البعض وتعزيز حركة النقل وهو ما يمنح مواطنين الدولة العثمانية شعورًا حقيقيًا بالانتماء وباهتمام العاصمة بكافة أطراف الدولة والاستثمار فيها بشكل مكثف دون تفريقٍ.

تمويل مشروع سكة حديد الحجاز
كان مشروع سكة حديد الحجاز مكلفًا للغاية، حيث بلغت ميزانية المشروع 18% من إجمالي ميزانية الدولة العثمانية، بنحو 4 ملايين ليرة عثمانية.
تبلغ تكلفة المشروع نحو 30 ألف كيلو جرام من الذهب بحسابات اليوم التقريبية.
أراد السلطان عبد الحميد الثاني تنفيذ المشروع دون الاقتراض من الخارج، حيث كانت الدولة مثقلة بالعديد من الديون إضافة إلى ديون مشروعي سكة حديد الأناضول وسكة حديد بغداد.
وجه الخليفة نداءً إلى العالم الإسلامي للتبرع من أجل إتمام المشروع، حيث انطلقت حملة التبرعات في شهر مايو من عام 1900 بتبرع خاص من جيب السلطان عبد الحميد الثاني بمبلغ 350 ألف ليرة عثمانية، كما تبرع خديوي مصر عباس حلمي الثاني بمواد بناء.
إضافة إلى السلطان تبرع باشاوات الدولة والموظفون والتجارو الجنود وجميع المسلمين من جميع أنحاء العالم الإسلامي.
جمعت جلود الأضاحي وبيعت وحول ثمنها إلى تمويل ميزانية سكة الحديد إضافة إلى اقتطاع 10% من رواتب موظفي الدولة للإسهام في إنشاء سكة القطار.
وأصدرت الدولة أيضًا طوابع بريد ودمغات يتم دفعها في المعاملات الحكومية ليعود دخلها لتمويل المشروع، إضافة إلى ضريبة تتمثل بخمسة قروش على جميع الذكور.