الفهرس
مدرسة اندرون العثمانية Enderûn Mektebi هي أحد ركائز النظام التعليم في الإمبراطورية العثمانية، حيث ساهمت بشكل أساسي في إرساء نظام تعليمي صارم لتخريج كبارات رجال وموظفي الدولة.
لقبت مدرسة اندرون العثمانية بمدرسة القصر خلال حقبة الإمبراطورية، وتولت المدرسة تعليم الأطفال الواعدين والأذكياء، جميع الأمور الحياتية وفنون الإدارة بشكل عام.
نشأة مدرسة اندرون العثمانية
تختلف المصادر حول تاريخ إنشاء مدرسة اندرون، والتي تعني باللغة الفارسية “مدرسة داخل القصر”، حيث تشير بعض المصادر إلى أن المدرسة، قد تم إنشاؤها على يد السلطان مراد الثاني، أو السلطان محمد الفاتح.
انتقل الأطفال الأذكياء والمتألقين من جميع أنحاء الإمبراطورية، إلى القصروتم تربيتهم بطريقة خاصة، وكان الهدف من ذلك إخراج صفوة للعمل في مناصب الدولة المختلفة.
اقتصرت مدرسة اندرون على تعليم الطلاب غير الأتراك إلى أن سمح السلطان سليمان القانوني لهم بالالتحاق بالمدرسة، لتصبح من أهم المدارس في النظام التعليمي في الدولة العثمانية.
التعليم في مدرسة اندرون العثمانية
كان تعليم الأطفال الذين يتم نقلهم إلى المدرسة يتنوع بين الدروس الدينية مثل علوم القرآن والتفسير والحديث والشريعة وبالإضافة إلى الأدب والشعر والقواعد واللغة والدروس العلمية.
في الناحية الأدبية كانت مدرسة اندرون تعلم الطلاب اللغتين العربية والفارسية بشكل أساسي بالإضافة إلى بعض اللغات الأخرى.
على الجانب العلمي، درس طلاب المدرسة الإمبراطورية، علوم الرياضيات، والجغرافيا، والمنطق، كما درست قواعد المراسم، والأعمال البيروقراطية، مع تقاليد القصر العثماني وآدابه.
بالإضافة إلى ذلك، اهتمت مدرسة اندرون بالجوانب الفنية والإبداعية مثل الرسم والفيسفساء والفنون بشكل عام، كما مارس الطلاب الأنشطة الرياضية بشكل دوري.
تناولت المدرسة أيضًا بعض الجوانب العسكرية، والتقنية، والسياسية لتأهيل الطلبة إلى تولي مسؤولية الدولة.
• إثنى عشر اختبارًا، هي عدد الاختبارات التي كان مطلوبًا من كل طالب أن يتخطاها، بالإضافة إلى المهارات البدنية، والنفسية والفنية.
• لن يتمكن الطالب من التخرج من المدرسة أبدًا ما لم يظهر تفوقًا منقطع النظير.
المحافظة على الأداب والأصول كانت من أهم النقاط التي يتم تقييم الطلاب على أساسها داخل المدرسة.
أهمية مدرسة اندرون في النظام التعليمي في الدولة العثمانية
تعتبر مدرسة اندرون مصنعًا حيًا لأهم الأشخاص في الإمبراطورية العثمانية، حيث خرجت قامات كبيرة في جميع مجالات الحياة.
خرجت المدرسة العديد من البشاوات، والوزراء للدولة، كما تولى العديد من خريجي المدرسة منصب الصدر الأعظم بالإضافة إلى حكام الولايات والسادة.
ولم يقتصر خريجو المدرسة على رجال الدولة فقط، حيث أن العديد من الشعراء والرسامين، والمهندسين المعماريين والموسيقيين، والمؤرخين كانوا من خريجي نظام اندرون التعليمي.
خرجت المدرسة وفقًا لأكثر الإحصاءات موثوقية، 63 صدرًا أعظمًا، و3 من شيوخ الإسلام، و23 قائدًا للقوات البحرية، بالإضافة إلى العديد من وزراء القبة، والدفتر دار، وقواد الجنود الإنكشارية.
تخرج من المدرسة أيضًا العديد من المعماريين، والنقاشيين، والخطاطين، والكتاب، والأئمة، والشعراء، والعلماء.
كيف كانت حياة الطلبة داخل مدرسة اندرون؟
كان يوم الطلبة يبدأ قبل صلاة الفجر بساعتين، وينتهي مع صلاة العشاء، وذلك في جميع فصول العام.
يبدأ يوم طالب المدرسة بالاستيقاظ قبل الفجر بساعتين للذهاب إلى الحمامات والاغتسال، ثم الاجتماع للدعاء من أجل بقاء الدولة.
وبعد ذلك تقام صلاة الفجر بشكل جماعي، وإذا كان الخليفة العثماني متواجدًا في اسطنبول، يقيم الطلبة الصلاة برفقته في جامع آيا صوفيا.
يشرع الطلاب في أداء مهامهم اليومية طوال اليوم مع إقامة صلوات الجماعة بانتظام في وقتها والدعاء للدولة والسلطان أثناء إقامة الصلاة، لينتهي اليوم مع صلاة العشاء.
إقرأ أيضًا: سلسلة من أكثر قصص جحا التركي ونوادره غرابة وحكمة 2020
النظام داخل المدرسة
غطيت مصروفات التعليم من السلطان بذاته، حيث أن كافة المستلزمات الدراسية، وملابس الطلبة كانت تغطة من الخزينة الشخصية للسلطان.
أولت المدرسة اهتمامًا خاصًا بالنظافة والهندام، حيث أن الطالب كان يجب عليه الاعتناء بشكل دقيق بكافة جوانب النظافة، فقد عوقب بشكل مشدد الطالب الذي يبصق على الأرض، أو الذي ينسى إغلاق فمه بمنديل أثناء العطس.
بني النظام التعليمي في المدرسة على الذكاء والفطنة وليس على السن أو الوقت، فالمعيار الوحيد في مدرسة اندرون هو الكفاءة والقدرة.
على الرغم من صرامة نظامها، وضعت المدرسة نظامًا مرنًا لاستيعاب الفروقات الشخصية من شخص لآخر.
المواد التي تم تدريسها في مدرسة اندرون العثمانية
تنوعت المواد التي دُرست في اندرون وتشعبت من 3 علوم بشكل أساسي وهي العلوم الأدبية، والعلوم التطبيقية، والعلوم الفنية، والأنشطة البدنية.
•العلوم الأدبية:
القرآن كريم ، علم أصول الدين، والحديث، وعلم الكلام ، والعقيدة ، والتفسير ، واللغة العربية، واللغة الفارسية، والسيرة النبوية، والتاريخ، الصرف والنحو، والحكمة، والبلاغة، والبيان، والشعر، والإنشاء، والخطابة، والأمثال، والمعاني.
العلوم التطبيقية: علم الفلك، والطب، والهندسة، والجبر، والجغرافيا، والمنطق، والحقوق.
العلوم الفنية: الموسيقى، والخط، والصناعات الجلدية، والمنمنمة، والنحت، والحياكة وصناعة العقد.
إقرأ أيضًا: 10 قصائد من أجمل وأرق أشعار يونس امره
الأنشطة البدنية: ركوب الخيل، المبارزة بالسيوف، والركض، والرماية، والصيد، ورماية الرمح، ورفع الأثقال، والوثب، إطلاق النار.
نهاية مدرسة اندورن
أغلقت المدرسة تمامًا بعد خدمة تزيد عن 500 عامًا، في عام 1908 ميلاديًا بعد إعلان الدستور العثماني من جديد، عقب الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني.