الفهرس
يعتبر السلطان عبد العزيز واحدًا من أهم سلاطين أواخر عمر الدولة العثمانية، حيث أنه أول سلطان يسافر في زيارة دبلوماسية إلى أوروبا ومصر.
انتهت حياة السلطان عبد العزيز الأول نهاية مأساوية وذلك بعد أن عثر عليه مقتولًا في قصر جاغران، وهو ما أثار جدلًا واسعًا استمر حتى عهد السلطان عبد الحميد الثاني.
نسب وعائلة السلطان عبد العزيز
ينتسب السلطان عبد العزيز الأول إلى العائلة العثمانية حيث أن اسمه بالكامل حتى أرطغرل غازي هو:
السلطان عبد العزيز الأول بن محمود الثاني عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغرل
تزوج السلطان عبد العزيز ست زيجات وهم:
- دورونيف قادين وأنجب منها ثلاثة أولاد
- آيداديل قادين ولم ينجب منها سوى طفل واحد
- السلطانة حيرانة وأنجب منها طفلان
- السلطانة نسرين وأنجب منها ثلاثة أطفال
- نيفين قادين أفندي وأنجب منها طفلًا واحدًا
- السلطانة صافيناز وأنجب منها ثلاثة أطفال
نشأة السلطان عبد العزيز
ولد السلطان عبد العزيز في 9 فبراير 1830 للسلطان محمود الثاني والسلطانة برتونيال.
كان السلطان عبد العزيز متدينًا حيث كان يقرأ القرآن كل صباح إضافة إلى ذلك، فقد تعلم السلطان فن الخط وكان خطاطًا جيدًا.
فترة حكم السلطان عبد العزيز الأول
في 7 يونيو 1861 تولى السلطان عبد العزيز الأول الحكم، تميز عهده بعدم دخول الدولة في أي حروب خارجية، كما لم تخسر الدولة أي أراضٍ في عهده، وذلك على عكس السائد في عصر انحلال الدولة العثمانية.
شهدت الدولة العديد من الثورات الداخلية في عهد السلطان، والتي تمكن من التعامل معها بحزم وحكمة أهمها:
- ثورة الجبل الأسود
- ثورة الصرب
- ثورة كريت
الإصلاحات الداخلية
شهدت الدولة بعض الإصلاحات الداخلية في عهد السلطان عبد العزيز الأول أهمها
إصدار مجلة الأحكام العدلية
تعتبر مجلة الأحكام العدلية أهم مؤلف قانوني إسلامي حيث تعادل المجلة حاليًا قانون الأحوال الشخصية أو القانون المدني.
نظمت مجلة الأحكام العدلية العديد من الأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق والإرث والبيع والشراء، وشكلت أساسًا في تشريعات قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين في عدد من الدول مثل سوريا ولبنان والعراق ومصر.
استمت المجلة أحكامها من الشريعة الإسلامية من المذهب الحنفي واستغرق وضعها 7 أعوام وتعتبر من أهم الإنجازات القضائية في عصر السلطان عبد العزيز.
تحسين العلاقات مع مصر وتونس
شهد عهد السلطان عبد العزيز تحسنًا كبيرًا في العلاقات مع مصر وتونس وذلك بعد التوتر الذي ساد في عهد محمد علي باشا والي مصر.
منح السلطان العديد من الإمتيازات إلى مصر زادت من سلطة الخديوي اسماعيل الذي تمتع بعلاقة متينة مع السلطان، إضافة إلى ذلك منحت الدولة العثمانية جزيرة سواكن ومصوع لمصر مع العديد من الامتيازات الأخرى.
بالنسبة إلى تونس، فقد منحت الدولة العثمانية حكمًا ذاتيًا لتونس، تقوية للعلاقات مع باي البلاد وقطعًا للطريق على فرنسا التي كانت تتطمح في احتلال تونس.
إصلاحات اقتصادية وتعليمية
أنشأت الدولة العثمانية في عهد السلطان عبد العزيز أول سكة حديد في اسطنبول، كما تم إدخال نظام الطوابع البريدية.
افتتحت الدولة أيضًا مدرسة ثانوية جديدة ضمت مختلف القوميات والمذاهب الموجودة في الدولة العثمانية.
إصلاحات حربية
اهتم السلطان عبد العزيز الأول بتحديث الأسطول البحري للدولة العثمانية على وجه الخصوص حيث أصبح الأسطول العثماني في عهده ثالث أكبر أسطول في العالم بعد الأسطولين الإنجليزي والفرنسي.
اشترت الدولة أيضًا أصلحة حديثة من أوروبا كما تم تجديد دار المدفعية المعرفة باسم طوبهانة وأدخلت العديد من التنظيمات والتنسيقات إلى الجيش.
إفلاس الدولة
دخلت الدولة العثمانية في العديد من الحروب الخارجية قبل عهد السلطان عبد العزيز، وتسببت هذه الحروب التي خسرتها الدولة العثمانية في تراكم الديون وزيادة النفقات بشكل ضخم.
أخذت الدولة العثمانية العديد من القروض في عهد السلطان عبد المجيد الأول، واستمرت سياسة الاقتراض في عهد السلطان عبد العزيز.
شهدت الدولة انخفاضًا كبيرة في قيمة النقد العثماني، وارتفاع عجز الموازنة ودخلت الدولة في دائرة من الاقتراض لسداد فوائد الديون التي اقترضت سابقًا.
حاول السلطان عبد العزيز إصلاح الوضع بهفض النفقات، وإلغاء نظام الحريم، واستحداث نظام حديث للموازنة لمقارنة المصروفات بالإيرادات.
وصل عدم الثقة في الاقتصاد العثماني إلى حسم البنوك الأوروبية نسبة الفائدة من قيمة القرض، فعلى سبيل المثال أرادت الدولة اقتراض 5300 مليون فرنك فرنسي استلمت منهم 3012 مليون أي 57% فقط! حيث خصمت البنوك قيمة الفائدة مسبقًا قبل تسليم القرض.
أعلنت الدولة إفلاسها في عام 1875 ليمنحها الدائنون قروضًا جديدة طويلة الأمد مقابل ضمان الضرائب غير المباشرة، وضرائب مصر، وضرائب الأغنام.
في نهاية عهد السلطان عبد العزيز، وصل دخل الدولة إلى نحو 380 مليون فرنك سنويًا، كان يقتطع منها 300 مليون “أي نحو 79%” للديون.
كان يتبقى للدولة 21% من دخلها فقط، لسداد المصاريف، وهو ما دفع الدولة بالطبع إلى الاستدانة مجددًا بفائدة تصل إلى 24%.
زيارات السلطان عبد العزيز الخارجية
زيارة السلطان إلى مصر
كان السلطان عبد العزيز الأول العثماني، هو أول سلطان يغادر اسطنبول ويقوم بزيارات خارجية دبلوماسية.
زار اسماعيل باشا والي مصر اسطنبول وكان يتمتع بعلاقة طيبة مع السلطان، حيث اقترح عليه زيارة مصر وهو ما وعده السلطان بتحقيقه.
غادر السلطان اسطنبول على متن اليخت السلطاني فيض جهاد حيث أناب الصدر الأعظم أمين عالي باشا لإدارة البلاد.
اصطحب السلطان عبد العزيز في زياراته الخارجية ابنه عز الدين، وولي عهده مراد الخامس، وأخيه عبد الحميد الثاني.
استقبل اسماعيل باشا السلطان على متن اليخت الملكي في الإسكندرية، وانتقل السلطان مع الباشا بالقطار إلى القاهرة وسط دلتا النيل.
أقام السلطان في قصر الجوهرة بالقاهرة، وأعجب السلطان كثيرًا بالقطار وتطور القاهرة، حيث كانت مصر متطورة عن اسطنبول في ذلك الوقت في بعض النواحي.
زار السلطان خلال إقامته الجيزة، وشبرا، والأهرامات، وقبر محمد علي باشا، وترأس حفل محمل الحج إلى مكة المكرمة.
زيارة السلطان عبد العزيز إلى أوروبا
دخل السلطان عبد العزيز ميناء طولون في فرنسا في 29 يونيو، وتم الترحيب به في حفل كبير. واصل سلطان والوفد المرافق له الرحلة بالقطار ، ووصلوا إلى محطة باريس في 30 يونيو حيث استقبلهم الإمبراطور نابليون الثالث. بقي السلطان عبد العزيز في باريس لمدة 10 أيام في زياراة رسمية ، وحضر افتتاح المعرض الذي دُعي إليه.
سافر السلطان عبد العزيز بعد ذلك إلى المملكة المتحدة، واستقبلته الملكة فيكتوريا، حيث استقر في قصر باكنغهام المخصص له.
مكث السلطان عبد العزيز في لندن لمدة 11 يومًا، حيث قام بزيارات رسمية، وشاهد مناورة عسكرية للبحرية البريطانية، وتفحص أحواض بناء السفن ومكاتب البريد والبنوك. وقدمت الملكة ميدالية للسلطان.
غادر سلطان والوفد المرافق له لندن في 23 يوليو، وسافروا بالقطار إلى دوفر ، وأبحروا بالعبّارات إلى ميناء كاليه في فرنسا، واستقلوا القطار الخاص إلى فيينا عبر بلجيكا وبروسيا.
كان في استقبال السلطان ملك بلجيكا ليوبولد الثاني في محطة بروكسل ، وحضر مأدبة غداء أقيمت على شرفه. غادر بروكسل في فترة ما بعد الظهر ، ووصل إلى كوبلنز عبر نهر الراين حيث استقبل السلطان الملك البروسي فيلهلم الأول وزوجته.
مكث السلطان عبد العزيز في المدينة طوال الليل وسلكت القافلة الطريق في اليوم التالي فوق بافاريا. ا
استقبل الإمبراطور النمساوي المجري فرانز جوزيف السلطان الذي وصل فيينا يوم الأحد 28 يوليو. قضى السلطان عبد العزيز هنالك ثلاثة أيام في قصر شونبرون المخصص له، حيث قام بزيارات رسمية وإبداء الملاحظات.
سفر السلطان إلى المجر عبر ذلك وعاد منها إلى اسطنبول بعد أن استقل اليخت السلطانية.
الإنقلاب على السلطان عبد العزيز
في عام 1876 قام طلاب معاهد العلوم الشرعية في اسطنبول بمظاهرات حاشدة مطالبة بعزل الصدر الأعظم محمود نديم باشا وشيخ الإسلام حسن فهمي أفندي وهو ما رفضه السلطان في البداية ولكنه أصدر فرمانًا بعد ذلك بتحقيق مطالب المتظاهرين.
استغل مدحت باشا والذي كان يطمع في منصب الصدر الأعظم الأحداث ورتب لانقلاب على السلطان، حيث اتفق مدحت باشا، والصدر الأعظم الذي أقسم بالولاء للسلطان منذ أيام قليلة، وشيخ الإسلام الذي أصدر فتوى بعزل السلطان. مع سفيري إنجلترا والنمسا، وأعلم الأسطول الإنجليزي بالتدخل لإنقاذ قادة الانقلاب في حال حدوث أي طارئ.
أبلغ الإنقلابيون الأمير مراد بارتقائه للعرش ونقلوه إلى مبنى وزارة الحربية، وبعد ذلك أطلقت المدافع 100 طلقة احتفالًا بتنصيب السلطان الجديد.
لم يعلم السلطان عبد العزيز طوال ذلك الوقت بحدوث الإنقلاب، حيث استقيظ السلطان على أصوات المدفع معتقدًا أن العدو يهاجم وأن حربًا قد نشبت وأن سفن الأعداء قد وصلت اسطنبول.
لم يقاوم السلطان قرار العزل ورحل إلى قصر جراغان وتمت معاملته بطريقة سيئة بعد عزله حيث يظهر في الصورة أدناه سخرية بعض الغلمان من السلطان وتصوريهم له.
اغتيال السلطان عبد العزيز
توفي السلطان بعد 4 أيام من الانقلاب، حيث عثر عليه مقطوع عروق يده اليمنى حيث نزف الدم لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة.
شكلت سلطات الانقلاب تحقيقًا ترأسه حسين عوني باشا، واستمر التحقيق لمدة ساعتين فقط وأعلن أن السلطان قد قتل نفسه ومات منتحرًا.
في عصر السلطان عبد الحميد الثاني، تم فتح التحقيقات من جديد، وتم الوصول إلى أن السلطان قد تم قتله بأوامر الإنقلابي مدحت باشا خوفًا من عودته للعرش مرة أخرى.
تم إعدام مدحت باشا في الطائف بعد سجنه، إضافة إلى باقي المتأمرين معه على قتل السلطان عبد العزيز الأول.