السلطان عبد الحميد الثاني
الفهرس
يعتبر السلطان عبد الحميد الثاني من أهم وأشهر سلاطين الدولة العثمانية، حيث تولى حكم الدولة في فترة عسيرة وصعبة وواجه العديد من الأزمات أثناء فترة توليه العرش.
حكم السلطان عبد الحميد الثاني الدولة العثمانية لمدة تقارب الـ33 عامًا، وحقق العديد من الإنجازات خلال عصره كان أشهرها سكة حديد الحجاز إضافة إلى تعزيز دفاعات منطقة تشاناك قلعة ونشر التعليم وافتتاح المدارس وإنشاء المصانع.
نسب وعائلة السلطان عبد الحميد الثاني
ينتسب السلطان عبد الحميد الثاني إلى العائلة العثمانية حيث أن اسمه بالكامل حتى أرطغرل غازي هو:
السلطان عبد الحميد الثاني بن عبد المجيد الأول بن محمود الثاني بن عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغرل.
تزوج السلطان عبد الحميد الثاني كلًا من:
- نازك إدا.
- بدر فلك
- نور أفسون
- بيدار. تم دفنها في إسطنبول بعد نفي أسرة آل عثمان.
- دلبسند.
- مزيدة.
- نور أمثال أو أمثال نور.
- مشفقة.
- سازكار.
- بيوسته.
- فاطمة بسند.
- بهيجة.
- صالحة ناجية.
حياة السلطان عبد الحميد الثاني قبل السلطنة
توفيت والدة السلطان عبد الحميد وهو في سن العاشرة من عمره، لتحتضنه كبيرة المحظيات “برستو هانم”.
تعلم السلطان اللغات العربية، والفارسية، والفرنسية، إضافة إلى اللغة العثمانية في صغره، وأتم دراسة صحيح البخاري في علم الحديث.
كما تعلم السلطان أيضًا السياسة والاقتصاد على يد وزير المعارف، كما درس الأدب، والعلوم الإسلامية، والشعر، والتصوف، والخط والموسيقى.
سافر الشهزادة عبد الحميد الثاني إلى مصر وأوروبا مع عمه السلطان عبد العزيز، في فترة امتدت إلى نحو شهر ونصف.
اشتغل السلطان في مهنة التجارة، في أيام والده السلطان عبد المجيد الأول، وكان شغوفًا بها، كما أنه كان محبًا للفروسية والرياضة.
عرف عن السلطان تدينه، حيث أن ابنته عائشة قالت عنه:
كان والدي يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها، ويقرأ القرآن الكريم، وفي شبابه سلك مسلك الشاذلية، وكان كثير الارتياد للجوامع لا سيما في شهر رمضان
فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني
تقلد الحكم
بدأ عصر السلطان عبد الحميد في الحادي عشر من شهر شعبان 1293 هـ الموافق 31 أغسطس 1876م، خلفًا لأخيه السلطان مراد الخامس.
تولى السلطان الحكم بعد تعرض أخه مراد الخامس إلى إنهيار عصبي، وذلك عقب الإنقلاب على عمه السلطان عبد العزيز وقتله.
توجه السلطان إلى ضريح الصحابي أبي أيوب الأنصاري، وتقلد هنالك السيف السلطاني، وفقًا لعادة متوارثة منذ فتح القسطنطينية.
سار السلطان بعد ذاك إلى قبر والده السلطان عبد المجيد الأول، ثم ضريح السلطان محمد الفاتح، ثم إلى قبر جده محمود الثاني وعمه عبد العزيز الأول للزيارة.
بداية الحكم
تولى السلطان الحكم في فترة عصيبة، حيث كانت الدولة العثمانية تواجه مشاكل مالية كبيرة، وثورات دامية في البلقان أشعلتها عناصر قومية.
منذ أول يوم في فترة حكمه، واجهت السلطان مواقف عصيبة، كان أهمها انتشار الأفكار الانفصالية، والأزمات المالية.
لم يمتلك السلطان عبد الحميد الثاني صلاحيات حقيقية في أول عامين من حكمه، حيث أن مدحت باشا المعروف بموالاته للغرب كان له القول الفصل في جميع الأمور الهامة بعد إعلان المشروطية الأولى.
أعلنت الدولة العثمانية إفلاسها قبل عام واحد فقط من تولي السلطان الحكم.
كانت القلاقل والثورات في الدولة منتشرة في البوسنة والهرسك، وبلغاريا، والجبل الأسود وصربيا.
الحرب الروسية العثمانية
أرسلت الدول الأوروبية لائحة إلى الدولة العثمانية تدعي فيها ظلم النصارى وتطالب بتحسين أوضاعهم مع مراقبة سفراء أوروبا للإجراءات المتبعة، وهو ما اعتبره مجلس المبعوثان تدخلًا سافرًا في سيادة الدولة.
رفض المجلس اللائحة، وهو ما اتخذته روسيا ذريعة لإعلان الحرب على الدولة العثمانية.
كان السلطان عبد الحميد يعلم عدم قدرة الدولة على الدخول في حرب، ولذلك فقد مال إلى محاولة عقد سلام مع روسيا، ولكن مدحت باشا أعلن الحرب على أية حال دون الاهتمام برغبة السلطان.
كانت الحرب كارثية على الدولة العثمانية حيث احتلت روسيا الأفلاق والبغدان وبلغاريا ووصلت إلى أدرنة.
كانت القوات الروسية على بعد نحو كيلومتر فقط من إسطنبول، كما غزت روسيا الأناضول وحاصرت العاصمة من جميع الاتجاهات.
اضطرت الدولة العثمانية تحت وطأة الهزيمة إلى إبرام معاهدة سان ستيفانو مع روسيا والتي كانت بنودها شديدة الإجحاف حيث جاء فيها:
- استقلال الجبل الأسود ورومانيا وبلغاريا وصربيا.
- دفع غرامة لروسيا مقدارها 250 مليون ليرة ذهبية، وفي حال عدم السداد لإفلاس الدولة يتم الدفع بالأراضي.
- فتح مضيقي البسفور والدردنيل لروسيا وقتي السلم والحرب.
- التعهد بحماية نصارى جزيرة كريت والأرمن.
- منح روسيا 6 بوارج حربية عثمانية.
مارس السلطان عبد الحميد العديد من الضغوطات لمحاولة منع هذه البنود، ولكنه نجح في منع آخر بند فقط، لتحتفظ الدولة ببوارجها الحربية.
حل مجلس المبعوثان وتولي السلطة الفعلية
بعد الهزيمة الساحقة التي تعرضت لها الدولة، قرر السلطان حل مجلس المبعوثان وتعطيل العمل بالدستور وتولي السلطة بشكل كامل.
الحرب اليونانية العثمانية
اندلعت حرب بين الدولة العثمانية والمملكة اليونانية في عام 1897، حيث طمعت اليونان في السيطرة على جزيرة كريت العثمانية.
قامت اليونان باحتلال الجزيرة لتعلن الدولة العثمانية الحرب عليها
شهدت الحرب انتصارًا عسكريًا عثمانيًا ساحقًا حيث عقد العثمانوين سلامًا مع اليونان وفقًا للشروط الآتية:
- ضم مناطق حدودية من ثيساليا إلى الدولة العثمانية
- دفع 4 ملايين ليرة عثمانية تعويضات حرب
- الحفاظ على جزيرة كريت ومنحها حكمًا ذاتيًا تحت سلطة الدولة العثمانية
- بقاء القوات العثمانية في المناطق المحتلة من اليونان حتى تنفيذ كافة الشروط السابقة
حال الدولة العثمانية تحت حكم السلطان عبد الحميد الثاني
الوضع الاقتصادي
تولى السلطان عبد الحميد حكم الدولة العثمانية في ظروف شديد الصعوبة، حيث كانت ديون الدولة قد وصلت إلى ما ينهاز 2 مليار ليرة عثمانية، تمكن السلطان من تحقيق العديد من الإنجازات على الجانب الاقتصادي انقسمت إلى:
إصلاحات مالية
- تخفيض ديون الدولة العثمانية إلى أكثر من العشر من نحو 2 مليار إلى 100 مليون ليرة عثمانية
- تقليص رواتب الأمراء والوزارء.
- نقل الإشراف على مخصصات القصر المالية إلى وزارة المالية بدلًا من الخزانة الخاصة.
- إنشاء المصارف والبنوك
- إلغاء نظام القوائم
- الاعتماد على الليرتين الذهبية والفضية.
إصلاحات تجارية
- إلغاء نظام الامتيازات الأجنبية
- تشجيع التجارة الداخلية بين الولايات على حساب الاستيراد من الخارج
- زيادة الصادرات الزراعية
- إنشاء السكك الحديد والطرق والبنى التحتية اللازمة
إصلاحات زراعية
- إنشاء بنك زراعات لتوفير التمويل اللازم للمزارعين
- إنشاء سكة حديد الحجاز والتي ساهمت بشكل كبير في سهولة حركة المنتجات الزراعية
- تفعيل نظام الملكيات المتوسطة والصغيرة
- تنويع الإنتاج الزراعي من المحاصيل
- إنشاء مدرسة الزراعة لتدريس أحدث العلوم الزراعية
على الرغم من إنحدار الدولة العثمانية بشكل كبير في العديد من المجالات، إلا أن عصر السلطان عبد الحميد يعتبر هو ذروة التقدم الاقتصادي في عصر الانحدار بشكل عام.
واجه السلطان العديد من التحديات، ولكنه أدارها ببراعة وحكمة، أدت إلى نهضة اقتصادية في جميع أراضي الدولة.
التعليم
شهد التعليم في عهد السلطان عبد الحميد الثاني نهضة كبيرة، حيث يعد السلطان من أبرز السلاطين الذين طوروا من التعليم.
قاد السلطان أكبر حملة للتعليم في التاريخ العثماني، حيث افتتح المدارس والجامعات، وحدث مناهج التعليم.
أنشأ السلطان المدارس المتوسطة والعليا والمعاهد الفنية، وأعاد تحديث المناهج الدراسية والخطط العلمية.
أهم المدارس الموجودة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني هي:
- المدرسة السلطانية للشؤون المالية
- مدرسة الحقوق
- مدرسة الفنون الجميلة
- مدرسة التجارة
- مدرسة الهندسة المدنية
- كلية الطب بدمشق
- مدرسة الطب البيطري
- مدرسة الشرطة
- مدرسة الجمارك
- مدرسة الطب
- مدرسة الزراعة
- مدرسة التجارة البحرية
- مدرسة المعوقين
- مدرسة اللغات
- مدرسة المعادن
- دار المعلمات
- دار الفنون
- مدرسة الفنون النسائية
في حين لم يكن هناك سوى 200 مدرسة ابتدائية حديثة في اسطنبول في عام 1877، فقد ارتفع عدد المدارس الابتدائية إلى 9000 في عام 1905.
إضافة إلى المدارس فقد شهد عهد السلطان افتتاح المتاحف والمكتبات، أهمهم متحفي الآثار القديمة والمتحف الحربي، إضافة إلى مكتبتي يلدز وبايزيد.
أنشأ في عهد السلطان بشكل عام 18 مدرسة مهنية، ومئات المدارس الابتدائية والثانوية والعسكرية.
استخدمت المدارس العثمانية في عهد السلطان تقنيات التعليم والتدريس الأوروبية، ولكنها اهتمت بغرس الأخلاق الإسلامية إضافة إلى الهوية العثمانية في نفوس الطلاب.
القضاء
شهد عصر السلطان إصلاحات قضائية كبيرة، حيث بدأت بافتتاح مدرسة الحقوق حيث كان يتم تعيين المتخرجين من المدرسة في المحاكم.
أعيد تنظيم وزارة العدل، والتي أصبحت تشرف على القضاء المدني والجنائي، فيما بقيت المحاكم الشرعية تابعة لسلطة شيخ الإسلام.
تم تحديد اختصاصات المحاكم المدنية، وإعداد لوائح قضائية، إضافة إلى تعيين مفتشين لكل ولاية، ومدعين عامين في مخاكم الاستئناف.
أنشأت محكمة التمييز، والمحاكم النظامية والتجارية خاصة في الولايات ذات النشاط التجاري الكثيف، وأصدرت قوانين تنفيذية تتعلق بالقضاء.
الوضع السياسي
شهد الوضع السياسي في عصر السلطان إضطرابًا شديدًا حيث ماجت البلاد بالثورات والعصيان والرغبة في الاستقلال.
ورث السلطان عبد الحميد وضعًا سياسيًا شديد الإضراب، حاول السلطان احتواءه عن طريق إدخال إصلاحات عديدة وتحسين الوضع الإقتصادي والحقوقي للأقليات ولكن التراكمات من العصور السابقة ساهمت في خسارة الدولة للعديد من الأراضي.
بلغ إجمالي الأراضي التي خسرتها الدولة العثمانية في عهد السلطان نحو مليون ونصف كيلو متر مربع.
كانت أهم الدول التي انفصلت عن كيان الدولة العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد هي:
- مصر
- تونس
- السودان
- رومانيا
- قبرص
- صربيا
- بلغاريا
- البوسنة والهرسك
- الجبل الأسود
تمكن السلطان عبد الحميد من الحفاظ على فلسطين جزءًا من الدولة العثمانية، وذلك بعد مطالبات من هرتزل بمنحه إذنًا لإنشاء إسرائيل داخل حدود الدولة العثمانية.
سياسة الوحدة الإسلامية
شجع السلطان عبد الحميد الثاني مبدأ الوحدة الإسلامية، وطلب من المسلمين الذين يعيشون في كل مكان بالاتحاد في نظام واحد.
تواصل السلطان عبد الحميد مع مسلمي الهند الذين كانوا تحت الاحتلال البريطاني، ومع مسلمي النمسا الألبان، ومسلمي روسيا التتار والأكراد، ومسلمي فرنسا المغاربة.
إضافة إلى ذلم، فقد أنشأ السلطان سكة حديد الحجاز، وخط حديد العراق لربط العالم الإسلامي ببعضه البعض وتسهيل رحلة الحج، حيث ساهم مسلمو العالم في تمويل مشروع خط الحجاز.
حققت الوحدة الإسلامية نجاحًا كبيرًا حيث احتفل المسلمون بفوز الدولة العثمانية في الحرب اليونانية.
محاولة اغتيال السلطان
شهد عصر السلطان محاولات لاغتياله كان أبرزها حادث القنبلة، حيث وضع بعض المتمردين الأرمن قنبلة على أعتاب المسجد الذي كان يصلي فيه السلطان الجمعة، وعند خروج السلطان استوقفه شيخ الإسلام لعدة ثوان ليحدثه في أمور مختلفة ليتأخر السلطان في الخروج وتنفجر القنبلة دون تعرض السلطان لأذى.
تم القبض على منفذي العملية، وكان منهم صانع قنابل بلجيكي يدعى جوريس تم استئجاره لصناعة النقبلة، لم يعاقب السلطان جوريس ومنحه معاشًا ماليًا وجنده كجاسوس للدولة العثمانية وأرسله إلى أوروبا.
الوضع العسكري
أدرك السلطان عبد الحميد الثاني ضرورة تجديد أسلحة الجيش في أواخر القرن التاسع عشر تزامنًا مع تطور صناعة الأسلحة في أوروبا بشكل سريع.
لم يكن لدى الجيش العثماني سوى الأسلحة القديمة ذات الكفاءة المنخفضة، اعتمد السلطان على ألمانيا لتحديث الجيش بالأسلحة والخبرات.
شهد عصر السلطان عبد الحميد إصلاح المدارس العسكرية وتحديد المتطلبات الأساسية لتدريب الضباط الشباب إضافة إلى اتباع أحدث التقنيات العسكرية.
تحديث المدفعية
حدث السلطان عبد الحميد الثاني المدفعية العثمانية، كما شكل خطة استراتيجية للدفاع عن مضيق الدردنيل بنصب المدافع وتعزز دفاعات مضيق تشاناق قلعة، وهو ما ساهم في تحقيق انتصار معركة تشاناق قلعة في الحرب العالمية الأولى، وردع قوات الحلفاء.
خيالة الحميدية
أسس السلطان عبد الحميد كتائب خيالة الحميدية والتي كانت مسلحة بشكل جيد، حيث تشكل معظمها من الأكراد السنة.
عملت الخيالة الحميدية على حماية المقاطعات الجنوبية الشرقية للدولة العثمانية، لحراسة الحدود العثمانية الروسية.
غواصة عبد الحميد
اتفق السلطان عبد الحميد مع مصانع في إنلجترا لبناء غواصة حديثة وضخمة، دخلت إلى الخدمة في عام 1881.
تعتبر غواصة عبد الحميد هي أول غواصة في العالم تتمكن من إطلاق طوربيد حي تحت الماء.
مشاريع السلطان عبد الحميد الثاني
سكة حديد الحجاز
تعتبر سكة حديد الحجاز من أهم المشاريع التي تميز عصر السلطان عبد الحميد الثاني، حيث أنها خدمت كمشروع اقتصادي وخدمي ووحدي عملاق.
كان مشروع خط الحجاز نتيجة لمبادرة محلية بالكامل من خلال التمويل والبناء والتصميم والتبرعات التي تم جمعها من العالم الإسلامي.
ربطت سكة حديد الحجاز بين أرجاء العالم الإسلامي واختصرت وقت السفر إلى مكة والمدينة المنورة من 50 يومًا إلى 5 أيام فقط.
إنشاء الطرق السريعة
شهد عصر السلطان عبد الحميد الثاني توسعًا كبيرًا في إنشاء الطرق، كان أهمها طريق سامسون-بغداد والذي بلغ طوله 12 ألف كيلو متر.
سمحت الطرق بنمو المدن وتطورها بشكل كبير، حيث أن مدينة سامسون اتسعت بعد بناء الطريق وشهدت نموًا كبيرًا في عدد السكان.
تم إنشاء العديد من الطرق التي تربط مدينة بورصة بباقي الولايات أيضًا.
مشاريع صحية وتضامنية
شهد عهد السلطان عبد الحميد إنشاء العديد من المشاريع الصحية والتضامنية، حيث تم إنشاء العديد من المستشفيات أهمها مشفى شيشلي للأطفال.
كما تعتبر دار العجزة من أهم المشاريع التضامنية التي أنشأت في عهد السلطان عبد الحميد على حيث كانت على مساحة 27000 متر مربع.
كانت دار العجزة مجمعًا متكاملًا لإيواء الأيتام وكبار السن والمعوقين المحتاجين للرعاية والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و 6 سنوات والذين تم التخلي عنهم في الشوارع مجانًا، وإشباع كل احتياجاتهم دون تمييز بين الدين والمذهب واللغة والعرق والطبقة والجنس.
مد خطوط التلغراف والهاتف
تم مد خطوط البرق والتلغراف في عهد السلطان عبد الحميد، كما تم إنشاء هيئة البريد والتلغراف (البريد التركي اليوم).
دخل الهاتف إلى اسطنبول بعد 5 سنوات فقط من بداية استخدامه في أوروبا، حيث أمر السلطان بمد خطوط الهاتف للتواصل في جميع أنحاء الإمبراطورية.
تم إنشاء العديد من محطات الأرصاد الجوية لاستخدامها لإحطار مركز الطقس والتنبؤ بالحالة الجوية.
مشاريع أخرى
شهد عصر السلطان عبد الحميد الثاني العديد من المشاريع الصناعية، والخدمية أهمها:
- تشغيل الترام الكهربائي في دمشق.
- افتتاح متحف الآثار.
- تم افتتاح كلية الحقوق.
- تأسيس ديوان المحاسبات (ديوان المحاسبة).
- تم افتتاح كلية الفنون الجميلة.
- تم افتتاح كلية التجارة.
- افتتاح كلية الهندسة.
- تم تشغيل مياه Terkos.
- افتتاح إيبيخان في بورصة.
- تم تشغيل سكة حديد بورصة في الخدمة
- تشغيل سكة حديد القدس.
- تشغيل سكة حديد أنقرة.
- إنشاء مصنع الحميدية للورق.
- تأسيس كاديكوي غازان.
- بناء ميناء والرصيف في بيروت.
- تأسست شركة التأمين العثمانية
- تركيب مياه كاديكوي.
- تم تشغيل سكة حديد سالونيك.
- تشغيل سكة حديد دمشق.
- تشغيل سكة حديد إسكي شهير – كوتاهيا.
- تم بناء جالاتا بيير.
- بدأ تشغيل سكة حديد بيروت.
- تم إنشاء مصنع الشموع.
- تشغيل سكة حديد أفيون – قونية.
- بناء الميناء والرصيف في خيوس.
- تم افتتاح قناة دميركابي في نهر الدانوب.
- بدأ تشغيل سكة حديد دمشق – حلب.
- إنشاء خط الحجاز للتلغراف.
- تشغيل سكة حديد حماة.
- ربط خط تلغراف البصرة-الهند ببيوغلو.
- تم بناء الميناء والرصيف في سالونيك.
- تم بناء ميناء حيدر باشا ورصيف الميناء.
- افتتاح كلية التعدين.
- تم افتتاح كلية الطب بدمشق.
- تم افتتاح كلية حيدر باشا الطبية العسكرية.
- إنشاء خط تلغراف طرابلس بنغازي.
- بدأ تشغيل خط السكة الحديد في قونية إرغليسي.
- تأسيس إذاعة طرابلس.
- تم إنشاء محطات إذاعية في جميع أنحاء البلاد.
- إنشاء خط المدينة المنورة للتلغراف.
مشاريع تم التخطيط لها
شهد عصر السلطان عبد الحميد التخطيط للعدد من المشاريع المتنوعة التي لم يتم تنفيذها بسبب بعض الصعوبات الفنية وبسبب عزل السلطان أهمها:
- بناء جسر القرن الذهبي
- بناء سكة حديد اليمن (توقف البناء بسبب قصف إيطاليا ليمناء شيبانا)
- بناء خط قطار يصل آسيا بأوروبا (خط مترو مرمراي حاليًا)
- مشروع جسر غلطة
- مشروع جسر غلطة السليمانية المعلق
- مشروع الحديقة العثمانية الكبرى
- مشروع سكة حديد لنقل السفن
- مشروع حديقة وسكة حديد يلدز
- مشروع ربط خليج العقبة والبحر الميت والبحر الأبيض المتوسط
- فتح نهر مندريس
- مشروع مستشفى برلين
- مشروع تحويل مياه البحر لمياه صالحة للشرب
السلطان عبد الحميد الثاني وفلسطين
طالب اليهود حول العالم في عصر السلطان عبد الحميد الثاني، بالهجرة إلى فلسطين، حيث بدأت أولى المحاولات في عام 1876م “العام الذي تولى فيه السلطان الحكم”، حيث عرض حاييم كوديلا شراء مساحات واسعة من أراضي فلسطين لإسكان اليهود ولكن السلطان رفض.
استعان اليهود بعد ذلك بالسفير الأمريكي في اسطنبول والذي فشل في محاولات إقناع السلطان أيضًا.
تعرض اليهود إلى العديد من المذابح في روسيا بعد اتهماهم بالضلوع في اغتيال القيصر الروسي ألكسندر الثاني، وبناء عليه بدأ اليهود في البحث عن أماكن للجوء إليها، أكد السلطان عبد الحميد ترحيبه باليهود المضطهدين في جميع أراضي الدولة العثماني إلا فلسطين.
شدد السلطان عبد الحميد على أن الدولة العلية العثمانية ترحب بالمضطهدين من كل مكان ولكنها لا ترحب بإنشاء دولة يهودية في فلسطين أبدًا
حظرت الدولة العثمانية دخول اليهود إلى فلسطين بشكل كامل، ولكن بعد العديد من الضغوطات من الدولة الأوروبية، سمح السلطان بسكن اليهود في القدس لمدة 3 أشهر بحد أقصى.
أصدر السلطان فرمانًا قاطعًا بمنع بيع أي أراضٍ في فلسطين بما فيها الأراضي الحكومية لأي شخص يهودي، حتى وإن كان مواطنًا عثمانيًا.
السلطان عبد الحميد وثيودور هرتزل
زار قائد الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل السلطان عبد الحميد، وحاول إقناع السلطان بمنحه وطنًا قوميًا لليهود في فلسطين مع حكم ذاتي حيث عرض عليه الآتي في المقابل:
- بذل جهود لحل المشكلة الأرمينية
- دفع 15 مليون جنيه استرليني “نحو 150 ألف كيلوغرام من الذهب”
- تحسين صورة الدولة العثمانية في الصحافة العالمية
رفض السلطان عبد الحميد الثاني عرض هرتزل لسفر اليهود إلى فلسطين لمنحهم حكمًا ذاتيًا وإنشاء دولة داخل الدولة العثمانية.
وافق السلطان عبد الحميد على السماح بهجرة اليهود إلى آسيا الصغرى والعراق مقابل دفع جميع ديون الدولة العثمانية
رفض ثيودور هرتزل عرض السلطان عبد الحميد وحاول رشوته بعرض مبلغ مليون جنيه استرليني (نحو ألف كيلوغرام من الذهب) على السلطان ليرد السلطان قائلًا للصدر الأعظم:
انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حيّ، فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية، وهذا أمر لا يكون. إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة.
على الرغم من رفض السلطان القاطع، لم تتوقف محاولات هرتزل، حيث استمرت الحركة الصهيونية في إنشاء أجهزة لمحاولة السيطرة على أراضي فلسطين وتنظيم عملية الاستيطان.
في عام 1902م، طلب هرتزل من السلطان عبد الحميد الإذن لإنشاء جامعة عبرية في القدس، إلا ان السلطان رفض بشكل قاطع وحظر إنشاء الجامعة.
في عام 1903، حاولت الحركة الصهيونية عقد أول مؤتمر لها في فلسطين، فحزر السلطان نشاطهم السياسي بشكل كامل.
كان السلطان عبد الحميد الثاني من أشد المدافعين عن فلسطين، وحاول بذكاء منع الحركة الصهيونية من السيطرة على فلسطين، وقد نجح في مسعاه حتى عزله عن الحكم وإنهيار الدولة العثمانية واحتلال فلسطين بعد ذلك.
نهاية حكم السلطان عبد الحميد
في صيف عام 1908، اندلعت أحداث شغب قادتها جمعية تركيا الفتاة، حيث طالبت الجمعية بإعادة الدستور المعلق منذ عام 1876 وإعادة فتح مجلس المبعوثان.
أغلق مجلس المبعوثان وعلق العمل بالدتسور في بداية حكم السلطان عبد الحميد بعد دخول الدولة العثمانية في حرب كارثية مع روسيا عارضها السلطان وتسببت في هزيمة ساحقة للدولة في ذلك الوقت.
أعاد السلطان افتتاح البرلمان وأكد في خطاب أن البرلمان قد تم إغلاقه حتى إعادة تعليم وتثقيف الجميع ليتمكن الشعب من انتخاب نوابه.
حادثة 31 مارس
عارض العديد من أفراد الجيش استعادة الدستور وافتتاح البرلمان، وتكونت جبهتين حيث حاول بعض أفراد الجيش القيام بثورة لإلغاء الدستور والبرلمان.
تكونتا فئتين في الجيش، فئة تسمى بالجيش الدستوري، تطالب بالإبقاء على الدستور وفئة أخرى تعارض ذلك.
تقدم الجيش المطالب بالدستور من البلقان وقام بمحاصرة اسطنبول، ليقتحم العاصمة بعد ذلك تحت قيادة علي باشا كولونيا.
عزل السلطان عبد الحميد الثاني
بعد تحرك جيش سلانيك ودخوله اسطنبول، وجهت جمعية الاتحاد والترقي 4 اتهامات للسلطان عبد الحميد وهي:
- تدبير حادث 31 مارس
- إحراق المصاحف
- الإسراف
- الظُّلم، وسفك الدِّماء
أكد السلطان عدم ارتباطه بحادثة 31 مارس، وبالنسبة للمصاحف فإن السلطان المتدين أكد استحالة إحراقه للمصاحف.
أمر السلطان عبد الحميد في عهده بعدم جواز الاكتساب من المصاحف، وجعل طباعة المصاحف أمرًا تقوم به الدولة، وتوزع المصاحف مجانًا على من يريدها.
كان هنالك بعض التجار الذين يستمرون في طباعة المصاحف دون رقابة وتدقيق في المصحف، إضافة إلى بيعها مخالفة لقرارات الدولة بمجانية المصاحف.
كان يتم جمع هذه المصاحف وحرقها ودفن رمادها، وذلك بسبب الشك في صحتها إضافة إلى منع الإتجار بها.
اجتمع مجلس المبعوثان، وأقر الاتهامات الموجهة للسلطان وأمر بعزله وتولية أخيه محمد الخامس الحكم.
توجهت لجنة مكونة من اليهودي إِيمانويل قراصو، وآرام عضو مجلس الأعيان الأرمني، وأسعد طوبطاني وعارف حكمت لإبلاغ السلطان بعزله من منصبه ومن الخلافة
يقول السلطان في مذكراته معلقًا على هذه الأحداث:
إِنَّ ما يحزنني ليس الإِبعاد عن السُّلطة، ولكنَّها المعاملة غير المحترمة الَّتي ألقاها بعد كلمات أسعد باشا هذه، والَّتي خرجت عن كلِّ حدود الأدب، حيث قلت لهم: إِنَّني أنحني للشَّرعيَّة، ولقرار مجلس المبعوثان، وذلك تقدير العزيز العليم، سوى أنِّي أوكِّد بأنَّه لم يكن لي أدنى علاقةٍ لا من بعيدٍ، ولا من قريبٍ بالأحداث الَّتي تفجَّرت في 31 مارت إإِنَّ المسؤوليَّة الَّتي تحملتموها ثقيلةٌ جدَّاً
واستكمل السلطان مستغربًا من حضور اليهودي إِيمانويل قراصو لإبلاغه بعزله:
ما هو عمل هذا اليهودي في مقام الخلافة؟ وبأيِّ قصدٍ جئتم بهذا الرَّجل أمامي؟
بعد عزله، كشف السلطان في رسالة إلى الشَّيخ محمود أبي الشَّامات شيخه في الطَّريقة الشَّاذليَّة عن السبب وراء عزله.
أكد السلطان أن الحركة الصهيونية بالتعاون مع الاتحاد والترقي هي السبب وراء عزله، لرفضه السماح بوطن قومي لليهود في فلسطين.
وجاءت رسالة السلطان على النحو التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين،
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد رسول رب العالمين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين إلى يوم الدين.
أرفع عريضتي إلى شيخ الطريقة العلية الشاذلية، إلى مفيض الروح والحياة، إلى شيخ أهل عصره الشيخ محمود أفندي أبي الشامات، وأقبل يديه المباركتين راجياً دعواته الصالحة.
بعد تقديم احترامي أعرض أنني تلقيت كتابكم المؤرخ في 22 مايس في السنة الحالية، وحمدت المولى وشكرته أنكم بصحة وسلامة دائمتين.
سيدي
انني بتوفيق الله تعالى مداوم على قراءة الأوراد الشاذلية ليلاً ونهاراً. وأعرض أنني ما زلت محتاجاً لدعواتكم القلبية بصورة دائمة.
بعد هذه المقدمة أعرض لرشادتكم وإلى أمثالكم أصحاب السماحة والعقول السليمة المسألة المهمة الآتية كأمانة في ذمة التاريخ:
انني لم أتخل عن الخلافة الإسلامية لسبب ما، سوى أنني ـ بسبب المضايقة من رؤساء جمعية الاتحاد المعروفة باسم (جون تورك) وتهديدهم ـ اضطررت وأجبرت على ترك الخلافة.
إن هؤلاء الاتحاديين قد أصروا وأصروا علي بأن أصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الأرض المقدسة (فلسطين)، ورغم إصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف، وأخيرا وعدوا بتقديم (150) مائة وخمسين مليون ليرة إنكليزية ذهبا، فرفضت بصورة قطعية أيضا وأجبتهم بهذا الجواب القطعي الآتي:
«إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهباً ـ فضلاً عن (150) مائة وخمسين ليرة إنكليزية ذهبا فلن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي. لقد خدمت الملّة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد عن ثلاثين سنة فلن أسود صحائف المسلمين آبائي وأجدادي من السلاطين والخلفاء العثمانيين. لهذا لن أقبل بتكليفكم بوجه قطعي أيضاً.»
وبعد جوابي القطعي اتفقوا على خلعي، وأبلغوني أنهم سيبعدونني إلى سالونيك فقبلت بهذا التكليف الأخير.
هذا وحمدت المولى وأحمده أنني لم أقبل بأن ألطخ الدولة العثمانية والعالم الإسلامي بهذا العار الأبدي الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في الأراضي المقدسة: فلسطين.. وقد كان بعد ذلك ما كان. ولذا فاني أكرر الحمد والثناء على الله المتعال. وأعتقد أن ما عرضته كاف في هذا الموضوع الهام، وبه أختم رسالتي هذه.
ألثم على يديكم المباركتين وأرجو واسترحم أن تتفضلوا بقبول إحترامي وسلامي إلى جميع الإخوان والأصدقاء.
يا أستاذي المعظم، لقد أطلت عليكم التحية، ولكن دفعني لهذه الإطالة أن أحيط سماحتكم علماً، وتحيط جماعتكم بذلك علماً أيضاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خادم المسلمين
عبد الحميد عبد المجيد
كان السلطان عبد الحميد الثاني هو آخر حاكم فعلي للدولة العثمانية، ولم يكن للسلطانين محمد الخامس، ومحمد السادس أي سلطة فعلية من بعده.
وفاة السلطان عبد الحميد الثاني
تم نفي السلطان عبد الحميد الثاني إلى مدينة سلانيك والتي تحتوي على واحدة من أكبر أقليات اليهود في الدولة العثمانية.
تنازل السلطان عن أمواله داخل وخارج الدولة وعاش في سلانيك حتى اندلاع حرب البلقان الأولى.
قضى السلطان معظم وقته بعد عزله في العبادة والقراءة والنجارة والتي كان يهواها بشكل كبير إضافة إلى كتابة مذكراته.
تم نقل السلطان بباخرة ألمانة إلى اسطنبول بسبب تعرض مدينة سلانيك للخطر، واستقر في قصر بايلاربي في عام 1912.
أصبح السلطان يشكوا من آلام في جهازه الهضمي لتتدهور صحته.
وفي 9 فبراير 1918م شعر السلطان عبد الحميد الثاني بألم في جسمه بعد أن نهض من مائدة الطعام ليفحصه الطبيب ويؤكد أن لديه بوادر مرض السل.
في صباح اليوم الثاني أصر السلطان على الاغتسال والاستحمام على عكس أوامر الطبيب، وعند خروج السلطان عبد الحميد بدأ يتصبب عرقًا ليرسل أخوه السلطان رشاد أطباءً محاولة لعلاجه.
توفي السلطان في العاشر من شهر فبراير لعام 1918، ودفن في اسطنبول بجانب جده السلطان محمود الثاني.
سار في جنازة السلطان عبد الحميد الثاني جموع غفيرة، وحزن عليه عامة الشعب بشكل كبير حيث أن الدولة العثمانية تفككت من بعده وانتهت بشكل كامل بعد الحرب العالمية الأولى.